مهندس/ حسين بن سعد العبيدي

حدث في اليمن أن مارس كل اليمنيين الديمقراطية، وكانوا يختارون من يمثلهم في المجلس التشريعي “مجلس النواب” وفي المجالس المحلية، سواء على مستوى المحافظات أو في المديريات حيث كان هناك تنافس واسع في اختيار اليمنيين لمن يمثلهم عبر صناديق الاقتراع الانتخابية.

ظل 27 أبريل هو الفارق بين ما تأسس من واقع ديمقراطي، وبين فشل الأحزاب السياسية المعارضة اليوم في ضمان بقاء العمل المدني، دون احترام المؤسسات من قبلها والانخراط في واقع العنف، الذي شكل المنحنى السيئ للانقلاب على الدولة وتجاوز الخيار الشعبي في اختيار من يمثل غاياته وأهدافه، حيث أرادت بعض القوى الخروج عن المساحة الديمقراطي لتحاول السيطرة على واقع السلطة بشكل مرتبط بالعنف وقطع الطرقات والتجمع في الشوارع ونهب الممتلكات والاعتماد على الفوضى في فترة ما سمي بالربيع العربي.

كان لتحقيق الوحدة بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي نقطة البداية الوحدوية، في تجاوز فترات السلطات الواحدة ذات النظام الأوحد، الذي لا يقوم على الاختيار الشعبي وكان من شروط تحقيق الوحدة هو العمل في نطاق الشراكة والعمل المدني وممارسة الديمقراطية وتداول السلطة.

كان الابتعاد عن تطبيق الديمقراطية وأسسها التي اتفق عليها اليمنيين، واستفتوا بها من خلال دستور الجمهورية اليمنية هو من قاد اليمن إلى الفوضى وان اصبحت القوى الراديكالية والمتطرفة هي من تحكم خصوصاً بعد استيلاءها على السلطة والثروة.

وهذا ما سهل لقوى العنف أن اختطفت الإرادة الشعبية وكان هدف هذه القوى هو عودة اليمن إلى حقبة الإمامة الظلامية البغيضة، والقوى الأخرى وهي من تعمل على اخضاع اليمن لحكم الخلافة العثماني الذي أصبح من الماضي السحيق، فغياب الديمقراطية ومؤسسات البلد يقود اليمن إلى أتون صراع طويلة ودمار لكل أوجه الحياة والتعايش السلمي والمجتمعي بين اليمنيين، فنستطيع أن نقول بكل ثقه أن قوى العنف والظلام تكره الديموقراطية لأنها لا توفر لها حاضنه لا في السلطة ولا في المجتمع.

أحزاب اللقاء المشترك بقيادة حزب الإصلاح تبنت انقلاباً على الديمقراطية الناشئة في اليمن عندما خرجت للشارع وتصدرت مشهد الفوضى في اليمن في عام 2011 تحت يافطة الربيع العربي واصرت على اسقاط النظام الذي كانت هي جزء أساسي منه، وهم بذلك اسقطوا أسس ومداميك الديمقراطية في اليمن وكان ذلك بمثابة انقلاب مكتمل الأركان و خروج على دستور اليمن، ولم تكتفي بذلك بل أنها رفضت اجراء انتخابات رئاسية حسب المبادرة الخليجية التي كانت تنص على اجراء انتخابات رئاسية في 2014 بعد انقضاء الفترة الانتقالية، وحاولت الاستفراد بالسلطة لها، كما أن الحوثيين شركاء أحزاب اللقاء المشترك في احتجاجات 2011 قاموا باستغلال ذلك الفراغ الديمقراطي وانقضوا على السلطة بعمل انقلاب عسكري على السلطة في سبتمبر 2014 وهكذا دخلت اليمن في متاهة الصراع وعصر اللا دولة والذي يعيشه اليمنيون بكل وجع ومآسي الي اليوم.

اليمنيين اليوم في ظروف بالغة السوء ولا حل حقيقي في اليمن، إلا باستعادة مبادي الديمقراطية والاحتكام إلى صندوق الانتخابات و عودة كل القوى السياسية الفاعلة والمؤمنة بالديمقراطية نهجاً وسلوكاً، والتي لديها خبرة في ادارة الدولة وبناء الوطن إلى الساحة اليمنية ذات الخبرة والدراية بالحكم، وذات الرصيد التنموي مثّل المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني كأحزاب رئيسية في اليمن وهي أحزاب عملت على بناء دولة ووحدت اليمن والأحزاب الوطنية الأخرى في الساحة وبعيداً عن ثقافة الإقصاء والاستحواذ والكيد السياسي والدسائس والمؤامرات التي اصبحت للأسف نهجاً لبعض القوى الحاكمة اليوم والمتفردة بالحكم.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
27 أبريل 2024.

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *