د. عادل الشجاع

ما أجبرني على مناقشة هذا السؤال ، هو التذمر الكبير من بعض الذين تجمعهم المصلحة بالعميد طارق صالح ، من تعريفي في إحدى المقابلات التلفزيونية لكل الفصائل التي تعمل تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي ، بأنها مليشيات ولا تمت إلى الجيش النظامي بصلة ، لكن البعض يعتقد بأن الأفراد إذا كانوا عسكريين في فترة وجود الدولة ، فإن ذلك يعفيهم من صفة المليشيا ، والسؤال هنا ، ماذا سنقول عن الجيش اليمني الذي انضوى معظمه تحت قيادة الحوثيين وأصبح ضمن مشروع طائفي تمارسه هذه الجماعة ؟ سيقول قائل ، لكن جيش طارق ، يعمل في إطار الحكومة اليمنية ، وأقول له ، حزب الله اللبناني شريك في ثلث القرار اللبناني ، فهل كان ذلك كافيا لأن يصبح حزب الله جيشا لبنانيا ، والباسيج يعمل تحت إمرة النظام الإيراني ، فهل أصبحوا جيوشا نظامية ؟

المسألة هنا ، ليست قدحا بحق حراس الجمهورية وإنما توصيفا لاستخدامهم استخداما خاطئا ، مثلهم مثل غيرهم من الفصائل المسلحة التي تشكلت لمقاومة الحوثيين ، لكن هذه الفصائل لم تتحول إلى جيش وطني يعمل تحت قيادة وزارة الدفاع التي ظل وزيرها السابق محمد المقدشي لا يتجاوز قراره محافظة مأرب ولم يكن له سلطة على الانتقالي ولا على العمالقة أو حراس الجمهورية ، بل إن وزير الدفاع الحالي هو عضو في المجلس الانتقالي ولا توجد قوات باسم الجمهورية اليمنية تتبعه ، وبنفس الوقت لا يوجد فصيل من هذه الفصائل تتبعه ، حتى فصيل الانتقالي الذي ينتمي إليه .

إذا لست أنا من يعطي التسميات ، بل اتفاقية جنيف هي التي عرفت المليشيا ، بأنها عبارة عن مجاميع مسلحة ومنظمة ومدربة ومدعومة وموجهة تعبويا لتحقيق مصلحة حزبية معينة ، أي أنها ذراعا عسكريا لفئة سياسية ، وهذا ما هو حاصل مع المكتب السياسي أو المجلس الانتقالي أو السلفيين بشقيهم ، العمالقة ودرع الوطن وكذلك حزب الإصلاح ، بشكل أدق لا توجد اليوم قوات مسلحة تعمل تحت إمرة وزارة الدفاع .

وقد جاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي لشرعنة المليشيات المسلحة خارج نطاق واختصاص وزارة الدفاع ، وقد حذر دستور الجمهورية اليمنية من تسخير القوات المسلحة والأمن والشرطة لصالح حزب أو جماعة ويجب صيانتها عن كل صور التفرقة الحزبية والعنصرية والطائفية والمناطقية والقبلية ، وماهو قائم اليوم هو معبر عن ذلك التسخير .

والعميد طارق هنا مثله مثل غيره لا نحمله مسؤلية ما يجري ، بل نسقط عنه الادعاء بأنه يعمل لاستعادة الجمهورية ، فذلك ادعاء تكذبه الممارسة ، فمالذي يمنع طارق من الحديث عن الوحدة والدفاع عنها أمام رافضيها ، خاصة وأنهم جميعا يعملون وفق شرعيتها والعالم يتعامل معهم باسمها ، لماذا لم يتجرأ طارق بالاحتفاء بالعيد ال٣٣ للوحدة ، ولماذا ذهب مع الجميع لممارسة الصمت ، مع أن الوحدة هي ثابت وطني وهي تتعرض اليوم لمخاطر تهدد وجودنا كيمنيين .

ولست بحاجة إلى التأكيد ، بأن الوطنية لا ترتبط بحسابات المغانم والالتزامات ، ومن أهم العناصر المجسدة للانتماء الوطني التمسك بالدستور والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله والاعتزاز بوحدته ، فهي ليست كيانا ماديا يمكننا مجاراة الآخرين في تحميلها كل ما يجري من فساد وغياب للعدل ، بل هي كيان رمزي يعزز القوة الذاتية للشعب اليمني ويوظف طاقته في التنمية والبناء ، أختم بالقول ، ما جدوى بقاء هذه المليشيات المخالفة للقوانين الداخلية والدولية وحتى الأعراف ، طالما أنها لا تقاتل الحوثيين ولم تحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وأصبحت تخشى حتى من الاحتفال بوحدة الشعب اليمني ، نحن أمام تبرير تدخل الإمارات بمليشيات مسلحة يعترف قادتها أنهم يستلمون أسلحتهم ومخصصاتهم منها وبالتالي أوامرهم .

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *