يجري اليوم التسويق لمواجهة قد تتم بين أمريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، فإسرائيل تستعد بالقبة الحديدية وفرنسا تعلن الاستنفار وبريطانيا كذلك والمنطقة برمتها تتوقع شن حرب على إيران بعد زيارة بايدن إلى إسرائيل ومن ثم إلى السعودية في شهر يونيو، وأنا أقول لكم وعلى مسؤليتي بأنه لن يتم شيء من ذلك، كل ما في الأمر أنه حان الوقت لأن تدفع دول الخليج ما جمعته من قيمة النفط خلال فترة ارتفاع أسعار النفط أثناء فترة الحرب الروسية الأوكرانية.

 

عبر تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران والولايات المتحدة الأمريكية تصدع رؤوسنا بحكاية تصديها للدولة المارقة في إيران وكذلك إيران صدعت رؤوسنا بتصديها للشيطان الأمريكي، كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدون استثناء تعلن نيتها بإحراق إيران ونفس الأمر تعلنه إيران، حيث تتوعد الشيطان الأكبر أمريكا بالموت والنتيجة التي نشاهدها أن العرب هم من يضربون من أمريكا وإيران.

 

ولا أجافي الحقيقة إذا قلت إن الشعوب العربية تعي تماما أن الأمريكيين والإيرانيين يكذبون، فقط الحكام العرب الذين صادروا عقولهم هم الذين يصدقون، إضافة إلى بعض المحللين السياسيين الذين ألصقوا برؤوسهم صورا ذهنية يعتقدون من خلالها أن هناك صراعا حقيقيا بين أمريكا وإيران ولهذا السبب يبنون تصوراتهم وفقا لتلك الصور المسبقة المجافية للواقع.

 

ماهي الأدلة على التخادم بين أمريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر؟ كل التصريحات المتبادلة بين الطرفين عبارة عن عموميات لا هدف لها سوى التضخيم الإعلامي وهي عبارة عن صراخ يصدر من هنا وهناك، ثم ما يلبث أن يذوب وينتهي بانتهاء الحدث، وعلى سبيل المثال، في عام ١٩٨٣، كان الشيعة الإيرانيون يتضاهرون في مكة ضد أمريكا وإسرائيل، بينما أمريكا كانت تزود إيران بثلاثة آلاف صاروخ تم نقلها عن طريق تل أبيب.

 

وهل نحتاج إلى دليل أكثر مما فعله الأمريكيون والإيرانيون على حد سواء في العراق؟ وهل نحتاج إلى دليل أكثر مما فعلاه في سوريا ولبنان واليمن، وكيف وقفت أمريكا إلى جانب الحوثيين الذراع الإيرانية في اليمن وضغطت على التحالف والشرعية لتلبية مطالب الحوثيين وامتنعت عن الضغط على هذه العصابة لتفتح طريقا واحدا في تعز أو السماح لفريق الأمم المتحدة للقيام بصيانة خزان صافر النفطي الذي يهدد بكارثة إنسانية وبيئية؟

 

تكتفي واشنطن وطهران بالتصريحات الإعلامية لإيهام الحكام العرب المغفلون أن أمريكا ستطمس إيران من الوجود، كي يدفع هؤلاء الحكام ما عليهم من إتاوات، لقد ثار الشعب الإيراني عام ٢٠٠٩، ضد الملالي في طهران، فماذا فعلت أمريكا للشعب الإيراني المحب للحرية؟ لم تفعل له شيئا، لقد تركته للقتل والتعذيب والسجن على يد الملالي، بينما طلبت من بن علي في تونس ومن حسني مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وعلي صالح في اليمن أن يغادروا السلطة فورا.

 

ما يجري اليوم من تضخيم وتهويل لحرب أمريكية أو إسرائيلية ضد إيران، كان قد سبقها تهديد من قبل قائد القوات الجوية الإيراني قال فيه، إن قواته تنتظر بفارغ الصبر مواجهة إسرائيل لتمحوها من الوجود، والحقيقة أن الحرس الثوري الإيراني وجيش القدس يقتلون السوريين واللبنانيين واليمنيين والعراقيين ولم يطلقوا طلقة واحدة باتجاه الجولان السوري الذي لا يبعد عنهم بضعة أمتار.

 

أكرر وأقول، إن أي حرب بين إيران وإسرائيل أو إيران وأمريكا لن تحدث، وما نسمع عنه من حين لآخر من ضربات إسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا دون الرد من قبل الإيرانيين، فما هي إلا لأغراض الإثارة والتشويق، فالحرب الحقيقية خاضها العراق ونكس رؤوس الإيرانيين وفرض عليهم الهزيمة، فماذا كانت النتيجة بعد ذلك؟ لقد قدمت أمريكا ومعها تحالف دولي لتدمير العراق وإخضاعه من قبلها  للاحتلال الإيراني.

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *