شعر/ كريم الحنكي

لماذا ، إذا هجَد القلبُ ، تصحو زُليخاهُ في هالة من حنينْ
وتدخل في مطلع النوم والهة ليلتي ،
ثم توقظني ، وهي تتركني ملمسَ الفجر
هائمة مثل طيف حزين ْ
وتترك لي زهرةٌ من بخورٍ ، وسلة حبُّ،
وخوخا؟!..
( .. لقدكنتِ عاشقة يا زليخا ،
وكان من الزاهدينْ )
وتبكي محاورة ً ظلّها ـ إذ يسائلها ، فيثير الشجون ْ

********

ــ أراودت يوسُفَ عن نفسِه يا زليخا؟
ــ أجل ؛
ولقد هم .. لكنه فجأةً ، مال عني وأبدى
شموخاً ومات بعينيه ماغرِّني من بصيص ْ.
ــ أراودته أنت ؟!
ــ راودته ؛
فرأى ما رأى ، وأرادَ المحيص
وقد كنت غلقت قلبي عليهِ ،
وأبواب داري
وهيأتُ للحب ناري
فما استطعت ، سابقته البابَ
واشتعلت في دمي جمرة ، فقددت القميصْ
وكان الفتى سحره في تمنعه ، سره في القميص
فلم يبق لي من هواه سوى مزقة في يدي ..
وأنكفأت أخيراً
ــ أراودت نفسَكِ عن يوسف يا زليخا ؟
ــ كثيراً ؛
ولكنني ما أستطعت سوى أن أراوده .
يا ليوسف !
لو كان قلبي قميصاً ، والقيتهُ فوق عينهِ ،
هل كان يرتد لي عاشقاً وبصيراً ؟..
هل كان يحمل ما كنت أحمل من لهفة لا تكفَُ ،
وحبّاً أسيراً
وقد هم .. قد هم
لكن برهانه الغامض المستحيلَ
أحال الهوى حسرةً ، وأحال دمي ألماً وسعيراً
وخفتٌ ، فطوقت خاصرتي بالبكاءْ
ــ وكدت له ؟
ــ كدتَ ، حتى لقد كدت ــ ويلي ــ لو لم يكن
سره في القميص ،
ولو لم يكن قلبه كالهواء
ــ أأحبتِ حتى القميصَ ؟
ــ وتهوى الذئاب قميص الفتي ،
والعيون التي هجرت ماءها رقرقات الضياء ْ
وكل النساء اللواتي عشقن ، اللواتي قطّعن
أيديهن غداةَ أطلّ ـ
اللواتي قطعن أكبادهن على شرفة في المساءْ
وأسندن وجناتهن على خفقات المخدات يحلمن
أن سيجيء الفتي ، ثم يلقي القميص على باب
ليلاتهن
ويدخلها ليلة .. ليلة .. كالبهاء ْ
…. وتبقى العيون متشردة كالعواءْ
ويبقى الفتى حلماً لا يجيءُ
فتبكي النساءْ
ويأتي الخيال بمحض قميص يمزقنه ..
وينمن أخيراً
ــ أما زلت تهوينه
ــ وأقول لطائفة كل أغنية : هيتَ لَكْ ! ثم أبكي كثيراً
فقد حصحص الحق – قد كنت خاطئة ، وفتايَ
مَلََكْ .
ــ وتبكينه يا زليخا ؟ …

***
… وتنساب حولي ساقية من أنين ْ
لقد كنتْ عاشقةً يا زليخا ، وكان من التائهين ْ
وقد كنت حالمة ً يا زليخا ، وأخطأ تأويل قلبكِ ،
فاختلطت في هواه الظنونْ وقد حصحص
الحب ، فلتهدأي .. وأغفري يا زليخا ،
يعد لذراعيك معتذراً ، إذ يعود من التائبينْ
ويسفح أسراره فوق نهديك مرتبكاً ، مثل
عادته يا زليخا ،
ويدخل من قبلةٍ ، مُدخل العاشقين ْ

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *