وقّعت الجزائر أمس الاثنين، اتفاقية لإطلاق أكبر مصنع لإنتاج الفوسفات في القارة السمراء، بالشراكة مع جمهورية الصين الشعبية. وتم التوقيع على الاتفاق من طرف المدير العام لمجمع "سوناطراك" عبد المؤمن بن قدور، والمدير العام لشركة "سيتيك شان كسياويجيا" وبحضور رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى في محافظة "تبسة" قرب الحدود التونسية.

وتبلغ قيمته الاستثمار نحو 6 مليارات دولار وسيمكن من خلق قرابة 3000 وظيفة منها 1500 وظيفة ثابتة، وتهدف الجزائر إلى جلب ملياري دولار سنوياً من تصدير قرابة 10 ملايين طن سنوياً من الفوسفات من هذا المصنع الواقع فوق منجم عقلة أحمد.

كانت الجزائر قد قررت تحويل بوصلة استغلال الثروات الباطنية نحو الفوسفات، كبديل مكمل للذهب الأسود الذي تراجعت مداخيل البلاد من بيعه بنحو الثلثين منذ تهاوي أسعاره في السوق الدولي قبل عامين. وبحسب التصنيف العالمي للدول المنتجة للفوسفات، فإن الجزائر تحتل المركز السادس عالمياً، وراء كل من الصين والولايات المتحدة وروسيا والمغرب وتونس. وتملك احتياطيات تقدر بنحو ملياري طن، لكنها لم تستغل بشكل كبير تجارياً.  وتراهن الحكومة الجزائرية على رفع صادرات البلد من هذه الثروة الباطنية غير المستغلة بحلول 2020 إلى 30 مليون طن سنوياً، ما سيسمح بتوفير ما بين 7 إلى 8 مليارات دولار سنوياً وبمساهمة تقدر بنحو 16% من صادرات الجزائر، ليصبح الفوسفات ثاني مصدر للإيرادات المالية بعد الغاز والنفط.

وكشف ملباني أن "الشركة ستطلق مناقصات في الأشهر المقبلة لاستغلال مناجم للفوسفات غرب البلاد التي تم اكتشافها السنة الماضية، بحجم استثمارات يفوق ثلاثة مليارات دولار، ما سيرفع صادرات البلاد من الأسمدة".

وقال إن "ارتفاع الطلب العالمي على الأسمدة دفعنا إلى وضع مخطط مبني على مرحلتين، الأولى تتعلّق بتحويل الفوسفات والثانية تتعلّق بتحويل الحديد إلى إسفنج الحديد من خلال شراكة مع بريطانيا والصين".

ويعتقد الأستاذ الجامعي والباحث في الطاقات الباطنية، جمال بلعيد، أن توجه الحكومة الجزائرية نحو استغلال "الفوسفات" جاء بعد تيقنها من استحالة استغلال الغاز الصخري في المدى القريب لسببين، الأول عدم امتلاك تكنولوجيا تساعدها على استخراج الغاز الصخري، وثانياً التكلفة العالية لإنتاج طاقات كهذه.

إلا أن طموح الجزائر نحو الارتقاء في سلم الدول الأكثر إنتاجاً للفوسفات في العالم، تواجهه الكثير من العقبات، حيث يؤكد أستاذ العلوم الجيولوجية في جامعة "ورقلة" سقني لعجال، أن "تجاهل الحكومة لهذه الطاقة جعل البلاد عاجزة حتى عن تلبية الطلبات المتوفرة لديها، لأنها لم تستثمر في مجال إنتاج الفوسفات كما فعلت مع النفط والغاز". وعليه يجب الآن التركيز على الجانب البشري أولا، حسب لعجال، ثم التوجه إلى النقطة الأخرى وهي الأكثر أهمية، والمتمثلة في النقل.

ويرى لعجال، أن الجزائر لا تتوفر على شبكة نقل تسمح لها الآن برفع طاقة الإنتاج، فالنقل بالسكك الحديدية إلى ميناء "عنابة" في شرق البلاد، عن طريق القطارات، يواجه مشاكل في نقل الفوسفات الخام الآتي من مناجم "تبسة" و"سوق أهراس".

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *