د. عادل الشجاع

لست أدري لماذا هذه الحملة المكثفة على الدكتور رشاد العليمي ، فالبعض يتهمه بالعمالة والبعض الآخر يدعو إلى محاكمته ، وكأنه قد تحول من رجل وطني إلى خائن ، أو كأن تاريخه كان تاريخا نضاليا ، عاش لليمن واليمنيين ، فبعيدا عن سيرته الذاتية المفبركة ، نجد سيرته الحقيقية تؤكد أنه لم تترسخ في نفسه قيم الوطنيين ونضالاتهم ، فعندما التحق بحزب الشعب الناصري ، عمل مخبرا ضد رفاقه ، وهو لم يأكل خبزه من عرق جبينه ، بل من تزوير البصائر الذي كان يجيده في قريته ، ولم يكن طالبا نجيبا تخرج من جامعة محترمة ولا عسكريا محترفا أو سياسيا بارزا ، ولم يكن مثقفا من طراز رفيع ولا مفكرا فذا .

حتى سيرته الذاتية التي يحب تقديم نفسه بها تقول ، أنه ولد في منطقة الحجرية من ضواحي مدينة تعز لأسرة فقيرة تعمل في القضاء ، وحصل في شبابه على منحة وتخرج من كلية الشرطة في الكويت ، ثم عمل مستشارا في الدائرة القانونية ، قبل أن يدفع به الرئيس السابق علي عبدالله صالح لإدارة أمن تعز ، ثم وزيرا للداخلية لملء الفراغ الذي كان دائما ما يملؤه في إطار التوازن المناطقي ، ففي كل مراحله لم يتخل الرجل عن الوظيفة المحببة إلى نفسه وهي رفع التقارير عن المحيطين به ، فتاريخه حافل بالخيانة إلى درجة أنه يمكن أن يمارسها على نفسه إذا لم يجد من يخونه ، فالخيانة تجري في دمه ، والإحداثيات التي كان يقدمها لعاصفة الحزم خير دليل على ذلك .

هو القشة التي لم تقصم ظهر اليمن ، بل كان القشة الزائدة عن الحمل ، لأنه جاء بطريقة غير دستورية وغير شرعية ، فاصبح اليمن غير قادر على تحمله ، فسقط على الأرض ، فهو القشة التي زادت على الحمل ، فقد كان رشاد العليمي فوق حمل اليمن ، للأسباب التي ذكرناها مسبقا وكذلك كون الرجل أصبح ميتا حيا بعد حادثة تفجير مسجد دار الرئاسة ، فهو من حينها عبارة عن جثة تتظاهر بأنها حية ، لكن الحقيقة أن قواه البدنية والذهنية حتى تلك الاستخباراتية لم تعد تسمح له أن يدير مزرعة للدواجن ، فما بالكم ببلد بحجم اليمن عظيمة المسؤوليات .

لا تنقسموا حول الرجل ، بين من يصوره بأنه أخطر عميل للسعودية وأمريكا وبريطانيا ، مهمته تفكيك اليمن والقضاء على قدراتها وبين من يصوره بأنه رجل طيب ، لكنه بدون رؤية ، الرجل تاريخه حافل بالتآمر وينظر لليمن من هذه الزاوية ، وإلا كيف يذهب إلى تشجيع رؤية المجلس الانتقالي الداعية إلى نظام فيدرالي في المحافظات الجنوبية ويضرب بمخرجات الحوار الوطني القائمة أيضا على الرؤية الفيدرالية التي جاءت تحت رعاية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ، فإذا خير الحضرمي أو العدني بين رؤية مليشيات الانتقالي التي لا تحمل أي ضمانة ، وبين مخرجات الحوار الوطني التي جاءت تحت رعاية دولية ، فأيهما سيختار ، لاشك أنه سيختار تلك التي توفر له حماية دولية ، لكن العليمي لا يريد أن يتمسك بالدولة ، بل بكيان هلامي يريد إحلاله مكانها ، خلاصة القول ، بأنه ليس مجديا البكاء على الحليب المسكوب ، فمن يرى أن اليمن لا تستحق ما آلت إليه ، فعليه إيجاد البديل الوطني وبسرعة .

المنشور التالي

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *